الاثنين، 27 ديسمبر 2010

صدمة في الموساد بعد الكشف عن أخطر كوادرهم... وإسرائيل تستخدم الهندسة الوراثية في التجسس والعمليات العسكرية


مفاجآت جديدة ستكشف عنها الأيام المقبلة لتثبت أن إسرائيل لن تتزحزح عن موقفها المعادي للشعوب وللسلام وللخير.
إن ملفات عالقة تمتلئ بأسرار خطيرة لم تكشف بعد عن تطورات تقنية تستخدمها تل أبيب في التجسس تعتمد على التطورات العلمية المهمة في مجالات متعددة ربما يكون أبسطها مجال الاتصالات، وقبل أيام كشفت السلطات المصرية عن قضية التجسس المتهم فيها مصري وضابطين إسرائيليين من جهاز الموساد، لتلاحقها بعد أيام قضية جديدة عنونتها الصحف باسم "الأستاذ"، وقبل ساعات كشفت السلطات السعودية عن الإيقاع بطائر متوحش غير معروف نوعه يحمل أجهزة يبدو أنها أجهزة تجسس إسرائيلية.
وأعتقد أن الأيام المقبلة ستحمل مفاجآت تتعلق بتطوير إسرائيل لعلوم الهندسة الوراثية لتستخدمها في عملياتها سواء العسكرية، أو المعلوماتية ضد العرب.
لقد كان من الطبيعي أن تهتم الصحافة العالمية بقضية التجسس المعروفة إعلامية بـ"جاسوس الفخ الهندي"، لأنها جمعت في طياتها الإثارة والتشويق والجريمة إضافة إلى البعد الجغرافي ولا سيما أن كل لحظة تمر في عملية سير التحقيقات مع المتهم المصري كانت تكشف عن مفاجأة أو أرض جديدة خصبة لممارسة هذا العميل مهامه في استقطاب عناصر جديدة أو تنفيذ عمليات الموساد.
لكن كان المدهش في الأمر هو محاولة كثير من الصحف كسب تعاطف الجماهير المصرية إزاء المتهم، بالتركيز على النقاط الحساسة في الحياة المصرية وهو المثلث المعروف "الدين والفقر وحب الوطن"!!، فوفقا لما نشرته الصحف في سردها لقصة حياة المتهم هو أن ظروف الفقر هي التي دفعت المتهم للجوء إلى الموساد، رغم أن وفقا للتحقيقات أن طارق عبد العزيز كان متعاقدا مع بعض النوادي لتعليم الكنغو فو لكن ما كان يحصل عليه من أموال لم يرض أحلامه بالثراء السريع.
ثم جاء التركيز على إيمانه وتدينه وصلاته والفتاة التي أحبها وتزوجها عرفيا وجذبها لاعتناق ديانة الإسلام، وأخيرا إبراز حبه للوطن وانتماءه له، فقد اعتلت أخبار اليوم السابع أنه "في بداية تجنيد طارق ووضعه على جهاز كشف الكذب وسؤاله عن حبه لمصر، تردد لبضعة دقائق ثم أكد هذا الحب لولا ظروفه السيئة التي يمر بها"، فمن من المصريين لم يمر بتلك الظروف بل الأتعس منها؟!!
الأكثر غرابة أن هذا الاتجاه هو نفسه الذي اعتمدت عليه وسائل الإعلام الإسرائيلي في تناولها للقضية، بعد أيام من الصمت عقب إلقاء القبض على المتهم المصري، فوفقا لما جاء بصحيفة الأهرام فإن التليفزيون الإسرائيلي ذكر بعضا من نصوص الاعترافات التي أدلى بها عبد الرازق للنيابة المصرية، خاصة النقطة التي يعترف فيها بأنه "توجه إلى السفارة المصرية في بكين بعد أن شعر بالندم على تورطه في قضية التجسس، إلا أنه عرف من خلال الأمن المصري المتواجد هناك بأن موقفه حساس للغاية وأنهم يرصدون كل تحركاته".
كما تعرض تقرير التلفزيون الإسرائيلي لنقطة بالغة الحساسية في هذه القضية، وهي النقطة نفسها التي أثارتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" والتي تزعم بأن "عبد الرازق هو الذي سلم نفسه للأمن المصري في مطار القاهرة، بعد أن عرف بأن أمره انكشف في بكين، لكنه قرر مع هذا العودة إلى القاهرة وتسليم نفسه بدافع ندمه على قبول فكرة العمل كجاسوس وهو الأمر الذي دفعه إلى مواجهة مصيره السلبي الذي يتعرض له الآن".
ثم جاء ما نشرته صحيفة "هآرتس" من أنباء تتحدث عن إصابة كبار المسؤولين في جهاز الموساد وبقية الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالصدمة، خاصة وأن عبد الرازق كشف عن شخصية واحد من أهم العملاء الإسرائيليين في القاهرة والملقب بـ"الأستاذ".
الكثير من المفاجآت كشفتها التحقيقات مع المتهم بالتخابر لكن دعونا نعود إلى سنة 2007، فكما ذكرت صحيفة اليوم السابع الإلكترونية أنها كانت البداية بهجرة طارق إلى الصين لمروره بضائقة مالية، وإزاء تعذر حصوله على وظيفة أرسل من هناك في مايو من العام نفسه رسالة عبر بريده الإلكتروني إلى موقع جهاز المخابرات الإسرائيلية تتضمن أنه مصري ومقيم بدولة الصين، ويبحث عن عمل ودون بها رقم هاتفه.
وفى شهر أغسطس 2007 تلقى اتصالاً هاتفياً من المتهم الثالث جوزيف ديمور الذي تحدث إليه بصفته مسئولاً بجهاز المخابرات الإسرائيلية، وطلب منه خلال الاتصال مقابلته في دولة تايلاند، لكن تعذر حصوله على تأشيرة دخوله إلى تايلاند فتوجه طارق وبتكليف من المتهم الثالث جوزيف ديمور إلى دولة نيبال ومكث بها 15 يوماً إلى أن تلقى اتصالاً هاتفياً من الأخير أبلغه فيه بتعذر سفره إليه واتفقاً على اللقاء في الهند.
وفى سبتمبر 2007 وتنفيذاًً لتعليمات المتهم الثالث جوزيف ديمور توجه طارق لصالح إسرائيل إلى الهند وتلقى هناك رسالة عبر بريده الإلكتروني طلب منه حضوره إلى مقر السفارة الإسرائيلية، فتوجه الجاسوس إلى هناك واستقبله المتهم الثالث جوزيف ديمور وناقشه في بعض التفاصيل الخاصة بسيرته الذاتية ومؤهلاته العلمية والوظائف التي شغلها في مصر وسلمه 1800 دولار مقابل نفقات سفره وإقامته، وأفهمه أن إلحاقه للعمل بجهاز الموساد يستلزم سفره إلى تايلاند لإخضاعه لبعض الاختبارات.
وفى يناير 2008 توجه المتهم إلى تايلاند، وهناك اصطحبه شخص آخر وهو الخبير المختص بجهاز كشف الكذب بجهاز الموساد، وخضع للفحص بواسطة هذا الجهاز واجتاز الاختبار وحصل على ألف دولار مكافأة، ثم تعرف على المتهم الثاني "إيدي موشيه" وأفهمه أن "موشيه" سيتولى تدريبه على كيفية إجراء حوار مع أشخاص بعينها والتواصل معهم وأمده بموقع بريد إلكتروني للتراسل معه من خلاله، على أن يقتصر استخدامه فيما يجرى بينهما من مراسلات، وتنفيذاً لتعليمات المتهم الثاني عاد إلى دولة الصين وأنشأ شركة استيراد وتصدير، لتكون ساتراً لنشاطه مع جهاز الموساد الإسرائيلي تكلفت خمسة آلاف دولار، تسلم قيمتها من المتهم الثاني بحوالة بنكية، إضافة إلى أن المتهم الثاني أبلغه بأنه سيتقاضى راتباً شهرياً قدره 800 دولار أميركي مقابل تعاونه مع جهاز الموساد الإسرائيلي بخلاف المكافآت ومصاريف إقامته وانتقالاته.
المتهم طارق عبد الرازق أكد في التحقيقات أنه توجه إلى تايلاند بدعوة من المتهم الثاني "إيدى موشيه" في غضون مايو 2008، حيث التقى الأخير به وأمده بموقع إلكتروني والرقم السري الخاص به، وأخبره أن جهاز الموساد الإسرائيلي تولى إنشاء هذا الموقع على شبكة المعلومات الدولية كغطاء له تحت مسمى شركة "إتش. آر" ويحتوى على وظائف شاغرة في جميع التخصصات والتسويق للشركات التي تعمل في مجال تجارة زيت الزيتون والحلويات، بدولة سوريا، وكلفه بفحص المتقدمين لشغل تلك الوظائف حيث سيتولى مسؤولية الإشراف عليه وإعداد تقارير عن الظروف الاجتماعية للمتقدمين ومؤهلاتهم العلمية لانتقاء من يصلح منهم للتعاون مع المخابرات الإسرائيلية.
وتنفيذا لما كُلِّف به كان طارق عبد الرازق يطالع هذا الموقع الإلكتروني ويتولى إعداد تقارير عن المتقدمين من سوريا لشغل تلك الوظائف، ويقدمها للمتهم الثاني الذي انتقى منها عدداً من الأشخاص المتقدمين وأصحاب الشركات وكلفه بالسفر إلى سوريا لمقابلتهم، منتحلاً اسماً حركياً هو "طاهر حسن"، وإعداد تقارير عنهم وعن التواجد الأمني في الشارع السوري ومعلومات أخرى، كما أنه سافر إلى سوريا والتقى فيها بعدد من الأشخاص وأصحاب الشركات وأعد تقريراً بنتائج زيارته متضمناً الأشخاص الذين التقى بهم وعن التواجد الأمني في الشارع السوري، وقدمها للمتهم الثاني وتقاضى منه مبلغ 2500 دولا مكافأة له.
وتضيف تحقيقات النيابة، وفقا لما جاء باليوم السابع، أنه في أغسطس 2008 توجه المتهم المصري إلى دولة سوريا وقابل أحد عملاء جهاز الموساد هناك، وأمده المتهم الثاني برقم هاتفه وسلمه ألفين وخمسمائة دولار أميركي كي يقوم بدوره بتسليمه للسوري، وخمسمائة دولار لشراء هدايا له ومبلغ ألف دولار مصاريف إقامته، وتنفيذا لما كلف به سافر إلى دولة سوريا والتقى هذا السوري وقدم له الهدايا التي تولى شراءها وسلمه مبلغ ألفين وخمسمائة دولار أميركي، وعاد إلى دولة تايلاند وأعد تقريراً بنتائج زيارته، متضمناً الأشخاص الذي سبق وأن التقى بهم.
وفي فبراير 2009 توجه المتهم المصري إلى دولة لاوس بدعوة من المتهم الثاني، حيث سلمه جهاز حاسب آليا محمولا يعتمد على برنامج مشفر، حديث يتولى حفظ المعلومات دون إمكانية الكشف عنها من قبل الأجهزة الأمنية، كما سلمه وحدة تخزين خارجية "فلاش ميموري" وتولى تدريبه على كيفية استخدامها وسلمه أيضا حقيبة يد تحتوى جيوب سرية بداخلها جهاز كمبيوتر.
وكشف طارق في تحقيقات النيابة أنه في مارس 2010 توجه إلى دولة مكاو بتكليف من المتهم الثاني، للتخطيط لكيفية الإعلان عن حاجة شركة وهمية تتبع الموساد لأشخاص يعملون في مجال شركات الاتصالات بمصر، سعياً إلى تجنيدهم لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلية فأبدى موافقته، وقاموا بإنشاء موقع على شبكة المعلومات الدولية باسم شركة "هوشتك" مقرها مقاطعة "هونج كونج" كغطاء ساتر لجهاز الموساد الإسرائيلي، للإعلان عن وظائف شاغرة في مجال الاتصالات في مصر.
وكلف الموساد المتهم المصري مسؤولية الإشراف على الموقع، واستقبال نماذج البيانات والمعلومات وإعداد تقارير لراغبي العمل في هذا المجال عن ظروفهم الاجتماعية ومؤهلاتهم العلمية، سعيا إلى تجنيدهم لصالح المخابرات الإسرائيلية، وتنفيذاً لما كلف بهم تولى إعداد عدة تقارير عن أشخاص يحملون جنسيات عربية تقدموا لشغل تلك الوظائف في مجال الاتصالات من مصر وقدمها للمتهم الثاني، ويضيف المتهم الأول أن إجمالي المبالغ المالية التي تحصل عليها من المتهمين الثاني والثالث بلغت سبعة وثلاثين ألف دولار أميركي مقابل تعاونه مع جهاز المخابرات الإسرائيلية.
تنقل المتهم بين ثمان دول نسمع عنها لأول مرة في تاريخ حروب الجاسوسية بين مصر وإسرائيل، من بينها كمبوديا ولاوس ونيبال ومكاو وتايلاند، إضافة إلى الصين والهند.
وجاء بأوراق القضية أن النيابة العامة ضبطت المتهم في مطار القاهرة يوم 1 أغسطس الماضي أثناء سفره إلى الصين، وبحوزته جهاز حاسب آلي محمول و"فلاش ميموري" سبق أن تسلمها المتهم الأول من جهاز المخابرات الإسرائيلية، إضافة إلى وسيلة إخفاء عبارة عن حقيبة يد لحاسب آلي محمول تحتوى على جيوب سرية بغرض استخدامها في نقل الأسطوانات المدمجة والأموال، كما تم ضبط ثلاثة أجهزة تليفون محمول والمستخدمة من قبل المتهم الأول في اتصالاته.
وتبين من الفحص الفني لجهاز الحاسب الآلي المحمول و"الفلاش ميموري" اللتين ضبطتا بحوزة المتهم من أنها تحتوى على ملفات تحمل معلومات سرية تولى المتهم الأول تسليمها للمخابرات الإسرائيلية، ووسيلة إخفاء متطورة وعالية التقنية هي حقيبة يد مخصصة لجهاز حاسب آلي محمول بها مخبأ سرى، ولا يمكن كشفها سواء بالفحص الظاهري أو باستخدام أجهزة الفحص الفني بالأشعة السينية، وتستلزم خبرة فنية عالية لا تتوفر إلا في أجهزة أمنية.
كما كشف الفحص أنه بتفريغ محتويات صندوق البريد الإلكتروني الخاص بالمتهم الأولى من على شبكة المعلومات الدولية تم العثور على مواقع لتوظيف العمالة بالخارج ومراسلات المتهم الأولى مع المتهم الثاني "إيدي موشيه"، والعثور على الإعلان الذي أنشأه جهاز المخابرات الإسرائيلي للبحث عن أشخاص مصريين من العاملين في مجال الاتصالات، والحصول على عدد من السير الذاتية الخاصة بأشخاص سوريين وفلسطينيين ومراسلات مع شركات في سوريا.
كما كشفت التحقيقات أن الموساد كلف المتهم المصري بالاتصال برئيس تحرير واحدة من كبرى الصحف اللبنانية المقربة من النظام السوري، وحزب الله، وسعى في البداية لإغرائه بالمال وبرحلات سياحية في جنوب أفريقيا، قبل أن يعرض عليه أن ينتج له برنامجاً تليفزيونياً مقابل ٢٠٠ ألف دولار، في محاولات لاستقطابه للعمل لصالح الموساد الإسرائيلي تحت ستار العمل الإعلامي.
وأوضحت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا في القضية رقم 650 لسنة 2010 أن المتهم طارق عبد الرازق رفض عروض ضباط الموساد بالسفر إلى تل أبيب لتلقى دورات تدريبية متقدمة في مجال التجسس والاستخبارات التكنولوجية لخوفه من الاغتيال على يد الأجهزة الأمنية، حيث قال في التحقيقات "هينضرب علي النار أول ما أركب الطائرة، ولو عازين تدربوني هاتولي الأجهزة في الصين".
كما كشفت التحقيقات عن مفاجأة من العيار الثقيل، وهى أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" كان وراء قطع كابلات الإنترنت الخاصة بمصر في البحر الأبيض المتوسط على بُعد كيلومترات من السواحل الإيطالية قبل عام ونصف العام، وهو القطع الذي أثر سلباً على شبكة الإنترنت بمصر، وتسبب في خسائر اقتصادية فادحة لجميع الشركات الكبرى التي تنفذ معاملات مالية عبر الإنترنت.
وجهت النيابة العامة للمتهم تهمتي التخابر مع دولة أجنبية بهدف الإضرار بالأمن القومي، إضافة إلى قيامه بعمل عدائي ضد دولة سوريا من شأنه تعرض الدولة المصرية لخطر قطع العلاقات السياسي والدبلوماسية مع سوريا، وهى التهم التي يعاقب عليها القانون بالسجن المؤبد.