أحمد صوان... صحفي في جريدة معارضة ...الغد... وطبعا تعود هذه إلى النصف الآخر من الحزب المثير للجدل... نصف مصطفى موسى....مأساة عاشها هناك... ويروي لنا يومياته... وبدورنا نهديها إلى نقابة الصحفيين... نقيبا ومجلسا...إلى مقال صوان..
مرحبا بكم في جريدة حزبية
مرحبا بكم .. حيث لا يوجد شئ مما ألفتموه أو اعتدتم عليه في أي جريدة سبق وأن زرتموها
لا أعداد منتظمة .. لا موضوعات حرة .. لا إرادة للصحفيين ..
وبالتالي .. لا أجور
أو حتى عضوية بنقابة الصحفيين
مرحبا بكم في جريدة حزبية
الجريدة التي نتحدث عنها يا سادة كانت يوما ملء السمع والبصر ، حيث كانت توزع الآف النسخ اسبوعيا .. ثم يوميا
ثم تلاشت تماما كما تتلاشي الموجات التي تعقب إطلاق الحجر في المياه الراكدة
تلاشت مع ظهور زعيم جديد – وكل من يأتي لهذا المكان يطلق على نفسه هذا اللقب – حل بديلا رسميا لسلفه الذي أثار غضب الحكومة يوما ما وانتهى به المطاف خلف الأسوار ، لينتقل الحزب بقرار رسمي إلى زعيمه الحالي الذي يفتقر – في رأي كاتب هذه السطور – إلى أدنى مقومات الزعامة أو الرئاسة
أو حتى البيزنس ...
فكل من يمتلك أدنى هذه المقومات سيكون مدركا – دون أدنى شك – أن وجود آلة إعلامية ضخمة مثل الجريدة في حوزته يمكنها أن تعطيه الكثير ، أو – على أقل الفروض – يمكنها أن تصنعه كما صنعت سلفه السابق لو كان يبحث عن الزعامة، أو تضع في جيوبه الآف الجنيهات شهريا حصيلة الإعلانات لو كان يبحث عن المال.
ولكن المشكله أن الرجل نفسه لا يعرف ماذا يريد
ولذلك .. تحولت الأقلام الحرة إلى مجرد موظفين إضافيين بشركته الكبيرة ، فيكتبون ما يريد ويمتنعون عما لا يرغب
والويل إذا تجاوزت خطا من خطوطه الحمراء الكثيرة ..
فهو يراجع صفحات الجريدة اسبوعيا – إن صدرت – بنفسه على الرغم من أنه لم ينتمي إلى عالم الكتابة الساحر يوما ولم يضع قلما من قبل إلا لتوقيع أوراق شركاته أو كتابة ما يرى أنه مقالا مهما يتصدر الصفحة الأولى
وهكذا .. تحول رئيس تحريره - الذي شهد له الجميع بمهاراته المهنية المتميزة – وتحول الصحفيين – الذين ظهرت مواهبهم في أماكن أخرى – إلى مجموعة من الكتبة ينفذون الأوامر !!
" كيف تكتب عن الوزير الفلاني وهو صديق الزعيم ؟؟ "
" كيف تجرؤ أن تنتقد رجل الأعمال الكبير وهو شريك الزعيم ؟؟ "
" هل أنت مجنون حتى تكتب عن أخطاء الحكومة ؟؟ "
" إذا أردت أن تكتب عن مسؤل ما فلا مانع ، ولكن بشرط أن تكون مؤهلاتك العلمية والمهنية أعلى منه "
ما رأيك – عزيزي القارئ – في هذه التعليمات والأوامر ؟؟ !!
***
مرحبا بكم يا سادة في الجريدة الحزبية
الجريدة التي تصدر كل شهر مرة !!
الجريدة التي يبلغ عدد الصحفيين فيها رسميا مائة صحفي !!
الجريدة التي يدفع فيها صحفيوها تأميناتهم من حسابهم الخاص وعلى نفقتهم مقدما إذا أرادوا عقد تعيين !!
الجريدة التي يتقاضى أعظم صحفيوها – وهم لا يزيدون عن أصابع اليد – مبلغ ضخم يتجاوز المائة جنيه شهريا في حين لايستحق الباقين سوى إخبارهم بأنهم لا يستحقون مقابل عملهم سوى الحصول على عضوية النقابة
هذا إذا أرادوا الاستمرار ..
ولكن حتى هذا الهدف لا يستطيع الجميع الوصول إليه
لماذا ؟؟
أنت غريب يا صديقي ..
أتعتقد أن عملك صحفيا لعدة أعوام مقابل وعد النقابة يكفي للحصول عليها ؟؟
وأين يذهب أصدقاء الزعيم وأبناء معاونيه ورجالهم إذن ؟؟
حديثك بالفعل غريب للغاية !!
هل تريد من إدارة الزعيم أن تترك كل من يدفع أو يكون قريبا أو صديقا لأحد محاسيب الزعيم بعيدا عن كشوف لجنة النقابة ، وأن تتقدم بأوراقك أنت – الفقير إلى الله الذي لا تملك سوى موهبتك – إلى اللجنة ؟؟ !!
هذه المؤهلات تؤهلك لدخول الجنة .. وليس اللجنة
إذا كانت الإدارة قد أخطأت وفعلتها مرة ، وسمحت لقلة مندسة من أصحاب المواهب أن يندسوا بين عباقرة الواسطة والمال ويحصلوا على العضوية فهذا لن يحدث مرة أخرى
وهذا ما تؤكده ظواهر الأمور ..
وما تؤكده أيضا لجنة القبول بنقابة الصحفيين ..
فالنقابة ترفض – ولمدة عام كامل – أن يلتحق صحفيو تلك الجريدة بالعضوية مرة أخرى لأنهم – على حد قول مسئول كبير بالنقابة – غلطة لن تتكرر !!
أبدا...
إذن .. ماذا تبقى لدى الصحفيين في تلك الجريدة ؟؟
الصحة .. والستر
الصحة نحمد الله عليها ..
والستر من عند الله ..
وليس من عند الإدارة
***
كل ما سبق معروف منذ فترة ويتداوله الصحفيون فيما بينهم
إذن .. ما الجديد ؟؟
الجديد أن الزعيم بعبقريته المعهودة – أدامها الله عليه – قد أصدر قررات جديدة منذ أيام قليلة
فإما أن يأتي الصحفي كل يوم منذ الصباح الباكر إلى أذان المغرب ويظل جالسا داخل حجرة صغيرة هي في نفس الوقت مقر الجريدة
وإما أن يدفع تأميناته شهريا ولا يأتي
وإما أن يطلب فصله أو تفعيل استقالته التي كتبها ووقع عليها يوم أن وقع عقد تعيينه وتركها بلا تاريخ تحسبا ليوم مثل هذا
والآن .. جاوب أنت على هذا السؤال
كيف تأتي يوميا وتقضي هذه الفترة ولا تتقاض مليما ، أو بمعنى أدق بمائة أو مائتي جنيه شهريا
كيف تنفق على أسرتك ؟؟
بل كيف تنفق على نفسك ؟؟
وإذا أردت الرحيل تكون قد أضعت سنوات من الكفاح والعمل بلا مقابل !!
وإذا رغبت أن تدفع تأميناتك .. أي مواد قانون العمل التي تجعل التأمينات نصف الراتب الأساسي ؟؟
إذا عرفت الإجابة أرجو أن ترسلها إلى صحفيي تلك الجريدة
فهل عرفتها ؟؟
***
الكل أدرك أننا نتحدث عن جريدة الغد
الجريدة التي انقسمت إلى جريدتين لبضعة شهور ثم عادت مرة أخرى جريدة واحدة تضم صحيفو الجريدتين معا
ولكن حتى هذا العدد لم يكن ليبلغ " مائة واثنين " صحفي يتشدق بعددهم الزعيم أمام الجميع
من أين إذن أتى هذا العدد الضخم الذي لا تضم بعض الصحف اليومية مثله ؟؟
وكيف تتركه نقابة الصحفيين دون التأكد من هذا القول ؟؟
لقد مكثت في هذه الجريدة منذ عام 2006 وحتى أيام قليلة سابقة لم أر سوى نفس الوجوه
وجوه لم تتعد الثلاثين في أعظم أحوالها
تخيل معي عزيزي القارئ أنك ترى كل هؤلاء الزملاء ثم تنقطع فترة طويلة – بسبب ظروف الدراسة في ذلك الحين – وتعود لترى جزء كبير منهم لا يزال يعاني من أجل عضوية النقابة
هل تصدق هذا ؟؟
هل سمعت عن أي مهنة – وليس الصحافة وحدها – تدفع فيها تأميناتك بالكامل ولا تقبض أجرك ؟؟
هل سمعت عن صحيفة تتلقى دعما حكوميا باعتبارها حزبية ، وفي نفس الوقت لا تصدر أعدادها بانتظام ؟؟
بالفعل هي صحيفة تستحق الظهور في " غرائب وطرائف "
***
هل سمعت من قبل عن " عبد النبي عبد الستار " ؟؟
إذا كنت صحفيا قديما فإنك بالتأكيد تتذكر ذلك الرجل صاحب القلم المبهر الذي عمل في صحيفة " الوفد " لما يقرب من عشرين عاما – تحديدا منذ عام 1984 – وتركها ليقود " صوت الأمة " في إصدارها الأول – انتهى بالغلق عام 2000 – والذي طالما قدّم أعمالا صحفية مبدعة ومقالات تنم عن حرفية عالية
ولكن .. منذ تولى ذلك الرجل قيادة " الغد " في عهد زعيمها الحالي لم يعد " عبد الستار " كما عرفوه
لقد اختنق ..
ابتعد عن قضايا حساسة وعميقة كان يفجرها بقلمه... بالفعل لا زال يحاول أن يجد لنفسه مساحة من الحرية بعيدا عن الزعيم الجديد ..... بالفعل يحاول أن يعود إلى عهده السابق .....ولكن الأمور أصعب مما تتخيل ....أصبح عليه أن يقف أمام زملائه وأبناءه من الصحفيين ليشرح لهم ما لم يقترفه من أخطاء في حقهم....وفي نفس الوقت يكافح أمام إدارة الجريدة ليحصل لهم على بضعة جنيهات كل شهر....وليجد لنفسه أخرى
فإذا كان هذا حال رأس التحرير – بكل ما يمثله من ثقل مهني – فلك أن تتخيل حال الصغار...هل تخيلت ؟؟...عظيم ...مرحبا بك إذن في جريدة الغد
***
كيف يمكنك أن تجلس مع ما يقرب من ثلاثين شخصا في غرفة لا تسع أكثر من عشرة أشخاص هي في الحقيقة غرفة من غرف مكتب الزعيم ؟؟....كيف يمكنك أن تعمل وتكتب وتحصل على الأخبار دون أن تبرح مكانك ؟؟...ما هي الفائدة التي سوف تجنيها بهذا الجلوس ؟؟....كيف تتصل بمصادرك إذا كنت لا تملك حق كارت شحن المحمول ؟؟
سؤال آخر يطرح نفسه ..لماذا يدفعون الصحفيين إلى كراهية بعضهم البعض ؟؟....لماذا يتم تسريب أخبار عن ترتيب الأسماء في الكشوف المقدمة إلى نقابة الصحفيين " قبل الهنا بسنة " كما يقولون ؟؟....إذا كانت النقابة ترفض المزيد من أبناء الغد .. فلماذا يتم فعل هذا ؟؟
أيضا ..
إذا كنت مثلي واستطعت – بشق الأنفس وثلاثة أعوام كاملة – أن تحصل على عقد عمل كصحفي بالجريدة ، فلماذا ينبغي عليك أن تكتب استقالتك قبل أن توّقع عقدك ؟؟....لما ينبغي عليك أن تدفع إلى إدارة الجريدة مبلغ 1500 جنيه مقدما ، وهي قيمة تأميناتك لمدة 6 أشهر قبل أن يوّقع العقد ؟؟....ولماذا تتكلف مشقة الذهاب يوميا من وإلى الجريدة متحملا تكاليف انتقالات تعادل ضعفي ما يمكن أن تتقاضاه كراتب بعض خصم التأمينات ؟؟....ورغم أنك قد دفعت هذا المبلغ بالفعل .. فلماذا يقومون بخصمه مرة أخرى ؟؟
***
الوضع هكذا لا يستقيم ..الأمور تسير من سئ إلى أسوأ....كل هذا لا يستطيع أن يتحمله شاب لا يزال في بداية حياته و يسعى لتكوين أسرة .....أو حتى رب أسرة عليه أن يطعم أطفاله .....إذا كنت تستطيع فهناك من لا يستطيع .....الأمل الكاذب الذي تمسكنا به هناك تلاشى .....لا أجر محترم ..لا عضوية بالنقابة ..ولا حتى يمكن للمرء أن يكتب ما يريد ..
شكرا جريدة الغد....شكرا لأنني تعرفت برجل مثل " عبد النبي عبد الستار " الذي احتضنني لفترة طويلة وصحح لي أخطائي وهو يعطيني فرصة لأغوص في عالم الصحافة والكتابة المبهر ..وعفوا .. لأنني لا أستطيع أن أستمر هكذا...أبحث عن حقي كصحفي شاب ، وجد نفسه وزملائه يتم سحلهم معنويا داخل أروقة جريدتكم الموقرة...أشكركم وأطلب منكم تفعيل استقالتي التي كتبتها بخط يدي منذ شهور ست....أو أطلب فصلي بسبب عدم تمكني من الحضور منذ الصباح إلى مغيب الشمس دون أن أتقاضى شيئا يعينني على بدء حياتي كصحفي أو كشاب ..
هذه هي الحقيقة التي أعلم أنكم ستحاولون إخفائها وتشويهها واعتباري عميلا ومنشقا، وهي الكلمة المفضلة لديكم باعتبار أن الجميع خونة...لا يوجد هنا يهوذا....وليس زعيمكم السيد المسيح.....وأنا لا أستطيع إبراز أوراق تثبت كلامي سوى عقد تعييني ..الأدلة كلها معكم ويسهل التلاعب بها ....وهذا سهل لأن " البلد بتاعتنا والدفاتر في إيدينا يا عمدة " كما في فيلم الزوجة الثانية ..إنني أثق في أن هناك من يعي هذه الحقيقة ...أما لمن لا يصدق فأدعوه إلى الالتحاق بجريدة الغد...و ..مرحبا بكم في جريدة الغد
أحمد صوان
ياااااااااااااااه
ردحذفوايه يا بني اللي مصبرك على ده كله
الله يكون في عونك انت واللي زيك
معلش برضه كنت عايز أسأل سؤالين
ردحذفهي نقابة اصحفيين فين من دا كله ؟
وبعدين هو دخول نقابة الصحفيين صعب للدرجة دي ؟
ياريت بجد ترد
يا زميلي العزيز قرأت ما كتبت وإني لأتعجب كيف تصبر على ذلك ؟
ردحذفالصحافة مهنة كرامة ؛ ولابد للصحفي أن تكون له كرامة حتى يكون قادرا على إظهار الكرامة بدون أدني شك .
أرجو لك التوفيق في حياتك الصحفية